في بيان لها اعتبرت #سبعة أن الخطة الإصلاحية الأخيرة الصادرة عن الحكومة تشوبها سلبيات وثغرات أجمع عليها عدد من الخبراء الإقتصاديين المستقلين.
واذا ما تجاهلنا حقيقة أن الخطط ومهما كانت صائبة تبقى العبرة في تنفيذها وأن السلطة بنهجها عجزت عن تنفيذ الخطط مرارا وتكرارا وأن حبر خطة ماكينزي الاقتصادية التي دفعت الحكومة السابقة ملايين الدولارات ووضعتها شركة عالمية قد ضرب بها عرض الحائط.
ومن السلبيات الحقيقية للخطة الراهنة الآتي:
التعارض والتضارب بين أهداف الإصلاحات والسياسات والإجراءات التي تضمنتها: فالضرائب والرسوم المقترحة لا تعزز إنتاجية القطاع العام أو تكافح الفساد فيه. إذ إن تجميد زيادة الرواتب لمدة ثلاث سنوات وزيادة الحسومات التقاعدية من ٦% إلى ٧% للعاملين في القطاع العام تقضي على روح العمل والمبادرة لدى العاملين وتفتح المجال أمام تلقي الرشاوى والفساد.
لم تتضمن الخطة أيضا أي إجراءات لتحفيز الإستثمار الخاص على حساب الريع؛ بل أكثر من ذلك هذه الرسوم والضرائب ستتحمل أعباءها الطبقة الفقيرة وما تبقّى من الطبقة الوسطى وبالتالي تعمّق الهوّة الإجتماعية.
بالنسبة للنظام الضرائبي:
لم تتضمن الخطة نظاماً ضريبياً متكاملاً يحقق جميع الأهداف المرجوّة من الضرائب لناحية تأمين الإيرادات اللازمة لخزينة الدولة، وتشجيع الاستثمار الخاص عبر الحوافز الضريبية، والتخفيف من حدّة التفاوت الاجتماعي عبر ضريبة الدخل التصاعدية.
إن الخطة المقترحة والاجتماع الذي حصل كان نتيجة ردة فعل لتهيئة الظرف السياسي والمالي لتطبيق مقررات مؤتمر سيدر وأيضاً للوقاية من الخطر المحدق من تخفيض التصنيف الإئتماني للبنان من قبل "فيتش" و"موديز"، ولإرسال رسائل إيجابية إلى "ستاندرد اند بورز" لتلافي التخفيض المرتقب لتصنيف لبنان الائتماني بعد ستة أشهر وخاصة مع التحذير الذي أصدرته بتقريرها الجديد في ٤ أيلول من أن هناك مخاطر واسعة النطاق قد تتسبب في خفض التصنيف الائتماني إلى مستوى CCC.
لم تحمّل الخطة كذلك الطبقة السياسية أي تبعة للأزمة المالية والدين العام والانكماش الاقتصادي، حيث لم تتعرض الخطة إلى حسومات في رواتبهم ومخصصاتهم؛ بل وفي حديثها عن مكافحة الفساد وعن لجم التهرب الضريبي لم تفصح الخطة عن الآليات الواجب اعتمادها لتحقيق ذلك.
لم تطل الإجراءات الضريبية المقترحة الأرباح التي تحققها المصارف، وإنما طاولت المودعين من خلال زيادة الضريبة على دخل الفوائد من ١٠% إلى ١١%، أي أن الضريبة يتحملها المواطنون والمؤسسات والشركات وليس أصحاب المصارف والمساهمون؛ وهذا يدل على العقلية ذاتها في التعاطي مع أصحاب المصارف والذين بمعظمهم يشكّلون السلطة السياسية. وللعلم فإن المصارف التجارية قد حققت أرباحاً بقيمة ٢٢ مليار و ١٤٠ مليون دولار بين الفترة الممتدة من ١٩٩٣ حتى ٢٠١٨. كما لا يجب أن ننسى الأرباح الهائلة التي حققتها نتيجة الهندسات المالية منذ العام ٢٠١٧ وما زالت، والتي زادت من الدين العام اللبناني. لذا يجب على المصارف أن تتحمل خسائر المصارف بالكامل وليتحمل المصرف المركزي خسائره، وفي حال تبقى خسائر اضافية نتوجه بها الى المودعين. كما أن حجم الخسائر هائل جدا، نحن نشك فعليا أنهم سيتمكنون من الحفاظ على أموال المودعين والا فمن أين سيأتون بالأموال بحسب خطتهم؟!
قد تسهم بعض الضرائب في زيادة المستوى العام للأسعار ومن ثم رفع معدل التضخم، ومنها زيادة الضرائب على القيمة المضافة لبعض السلع. ومن الجيد اعتماد معدلات ثلاثة لهذه الضريبة وحصر الزيادة على السلع الكمالية، إلا أن مفهوم الكماليات فضفاض والنظرة إلى السلع الكمالية نسبية تختلف باختلاف المكان والزمان ومستوى المداخيل واعتبارات عديدة.
ركزت الخطة فقط على ديوان المحاسبة في تفعيل دوره الرقابي وفي ملء الشواغر في مراكزه، وقصرت دوره الرقابي على الرقابة اللاحقة فحسب، ولم تكرّس دوره في الرقابة السابقة منعاً للسرقة والإهدار. بل وأهملت الخطة دور التفتيش المركزي في دوره الرقابي المهم وفي ضرورة ملء مراكزه الشاغرة.
لم تأت الخطة الإقتصادية على ذكر أهمية ودور الجامعة اللبنانية في النهوض الاقتصادي وفي التنمية البشرية، وعلى ضرورة دعمها بالتمويل اللازم ورفدها بالكادر التعليمي والبشري المطلوب لتطويرها ونهضتها. مع العلم أن موازنة ٢٠١٩ قد استثنت الجامعة اللبنانية من قانون منع التوظيف لمدة ثلاث سنوات.
في ما يخصّ أسعار البنزين فإنه يحتاج إلى تفسير أكثر حيث لم تتحدد أرقام ونسب، والخشية أن يكون وراء ذلك تحميل المستهلك عبئاً أكبر.
أما في ما خص سعر صرف الليرة اللبنانية، فتتركز الخطة بالكامل على سعر صرف ٣٥٠٠ ليرة للدولار الواحد يرتفع تدريجيا بشكل سنوي لأول ثلاث سنوات، مما يحدد وبشكل رسمي هذا السعر كسعر صرف رسمي لليرة وهذا بحد ذاته Haircut”" على جميع اللبنانيين؛ يضرب الشعب اللبناني بأكمله بسبب التضخم الذي سيحصل ولا يمكن أن تبنى خطة اقتصادية على تضخم في البلاد، كما أن رواتب موظفي الدولة ستصبح بأكملها بلا قيمة فعلية.
كما تتبنى الخطة إنشاء صندوق لاسترداد الاموال المنهوبة ترد من خلاله أموال الناس التي طالها ال "Haircut"، وهذا خطأ كبير لأنه ليس هناك حجم أو رقم يحدد المبالغ التي سيتم استردادها أو حتى اذا كانت هناك نية فعلية لاسترداد هذه الأموال: يجب أن تكون الخطة مبنية على أرقام ومداخيل محددة ومعروفة المصدر وأن يأتي صندوق استرداد الأموال المنهوبة كإضافة لفائض أموال يمكن تحديد استخدامها في ما بعد.
كما أن الخطأ الأفظع في الخطة، هو الإختلاف الموجود في الأرقام بين نسختها العربية والنسخة الإنكليزية منها، ما يثبت إما عدم جدية هذه الخطة أو نية مبيتة للتلاعب بتنفيذها.
إن الحكومة الحالية المكونة من أطراف شاركت بقوة في الحكومات السابقة المتتالية والتي لدينا شبهات كبيرة حول أدائها وفسادها لا يمكن أن تكون هي الحكومة الانقاذية التي ستعيد بناء هذا الوطن.
إن الوضع الخطير الذي وصلته البلاد يحتاج إلى قرارات مصيرية كبرى ستؤثر على مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة وتتطلب حكومة مستقلة ذات شرعية شعبية تحظى على ثقة المواطنين ومنبثقة عن مجلس نيابي حديث الإنتخاب. فالثقة في هكذا أوضاع هي العامل الأساسي لنجاح أي خطط إنقاذية. والحكومة الحالية تفتقد بكل تأكيد لأي ثقة وأي مشروعية شعبية ولا يمكنها بأي شكل من الأشكال إقناع مجموع المواطنين أو المجتمع الدولي بقراراتها أو خططها.
إن أقصى ما يمكن أن تمثله هذه الحكومة هي حكومة إنتقالية تدير مرحلة إنتقالية قصيرة الى حين إجراء إنتخابات نيابية مبكرة؛ حكومة إنتقالية تكون مهامها الأساسية:
١- وقف التدهور المالي والنقدي
٢- البدء بإصلاحات أولية
٣- إجراء إنتخابات نيابية مبكرة برقابة مستقلة.
كما أن أي تقصير لهذه الحكومة بهذه المهام سيؤدي الى إسقاطها في الشارع لأنه ليس لدينا ترف الوقت بعد اليوم.
#لبنان_ينتفض